الانتاج الخاص بــ : إيمان رابح
ماهية خطاب الكراهية
لا يوجد تعريف موحد ومقبول بمعايير عالمية لخطاب الكراهية يضع ضوابط لماهيتها ويتم اعتماده عالميا، ولكن يمكننا أن نعرف خطاب الكراهية من مجمل ما تم التعارف عليه بأنه أي نوع من الحديث أو الخطابات التي تتضمن هجوما أو تحريضا أو انتقاص أو تحيز شفهي أو كتابي أو سلوكي من شخص أو مجموعة من الأشخاص بسبب أن أحدهم أو بعضهم أو جميعهم يحملون صفة إنسانية مميزة مثل العرق أو الدين أو النوع الاجتماعي أو الرأي السياسي أو الطبقة الاجتماعية أو الهوية الجنسية. أو يرتبطون بأشخاص حاملين لتلك الصفة، وعادة يستخدم هذا الخطاب في نشر دعوة إلى الكراهية والتمييز ضد حاملي تلك الصفات، وهذا الخطاب كثيرا ما يستمد جذوره من مشاعر التعصب الكراهية التي يغذيها في الوقت نفسه ، ويمكن في بعض السياقات أن ينطوي على الإذلال ويؤدي إلى الانقسامات.
وأصبحت تشهد ظاهرة خطاب الكراهية تصاعدا وتناميا متزايدا ضمن البيئة العالمية المعاصرة وباستخدام العديد من الوسائل على غرار وسائل الإعلام والمنصات الرقمية وبتوظيف من مختلف السياسات ، الحكومات والدول، ومن تواجه المجتمعات في وقتنا الحالي مستويات معقدة من التعصب ورفض الآخر سیما تصاعد موجة خطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، والمهاجرين ولطالما استخدم خطاب الكراهية لتحقيق مكاسب سياسية في الحياة العامة دون أي تبعات قانونية أو أخلاقية لعدم توافر تعريف دقيق لخطاب الكراهية الذي يعرف نوعا من الغموض التعقيد في التحديد، ومن زاوية أخرى وجب التنويه إلى وجود علاقة تنافر بین خطاب الكراهية وحرية التعبير المحمية بموجب القانون الدولي من خلال حقوق واضحة لا يولد إنسان ومعه شعور الكراهية، فالكراهية هي شعور يتولد مع الوقت ونتيجة عوامل كثيرة تستبدل المحبة الفطرية بالكراهية نتيجة خطابات من جهات متعددة تسهم في بناء الكراهية في النفوس فتصبح سلاحا للتدمير الذاتي لأي مجتمع عبر تفكيك بناءه وانقسامه ولكن ما السبب وراء انتشار خطاب الكراهية في مجتمعاتنا؟ وما هي سبل المواجهة والعلاج؟
فالكراهية تصنعها عدة عوامل تبدأ من التربية الأسرية تليها المدرسة ويشترك في ذلك أيضا وسائل الإعلام ورسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت المنبر الأول الآن الخطابات الكراهية، بالإضافة إلى غياب التشريعات التي تعاقب على بث خطاب الكراهية. وفي الحقيقة الدواء يكمن في الداء، فكل العناصر السابقة التي تعتبر في الأساس سببا لنشر الكراهية هي نفسها سبب في العلاج ومواجهة الخطاب البغيض إذا ما تم تصحيح مسارها وتحويلها من وسائل لنشر خطاب الكراهية إلى وسائل للمحبة والوئام وقبول الآخر.
لعل البداية تكون من الأسرة حيت يبدأ الوالدان في زرع أولى البذور التي تكون شخصية الإنسان فإما يبذرون المحبة وقبول الآخر واحترامه وإما يبذرون الكراهية والعنصرية البغيضة التي تتحكم بعد ذلك في تصرفات الشخص ونظرته لمن حوله فدور الأسرة تجاه الطفل يتخطى مجرد توفير المأكل والمشرب والمسكن بل يقع على عاتقها تشكيل الشخصية السليمة وبث الصور الذهنية الصحيحة تجاه الآخر واحترام التنوع والاختلاف ثم يأتي بعد ذلك دور المؤسسات التعليمية كونها العامل الثاني في التأثير على شخصية الإنسان حيت يقضي ساعات طويلة في تلقي المعلومات وفيها يتشكل العقل والسلوك.
ثم نضيف رفع مستوى الوعي من خلال إجراء دورات تدريبية محلية و تثقيف الأصدقاء وأفراد العائلة بشأن مخاطر التمييز والتعصب، بالإضافة إلى دعم الأفراد والجماعات التي يستهدفها خطاب الكراهية وتشجيع صانعي السياسات على اتخاذ إجراءات ضد اللغة أو السياسات التمييزية ولا ننسى تشكيل لجان الإنذار والاستجابة المبكرين على الصعيدين الوطني والمحلي لرصد خطاب الكراهية وأشكال التحريض على العنف وعلى الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص ووسائل الإعلام جميعا ادوار هامة ينبغي القيام بها كما تتحمل القيادات السياسية والدينية مسؤولية خاصة عن تشجيع التعايش السلمي فمعا يمكننا أن نخمد الكراهية السارية كالنار في الهشيم وان نصون القسم التي تجمعنا كأسرة إنسانية واحدة.